Sélectionnez votre langue

ليزا أنتابي - يميني (إشراف)، النساء اليهوديات والنساء المسلمات. الجندر، والدّين في وضعية تفاوض، كارتاله، 4201،عدد الصفحات 248.


إنسانيات عدد 74| 2016| المرأة في البلدان العربية: التغيّرات الاجتماعية والسياسية| ص.100-105 |النص الكامل


هذا الكتاب هو نتيجة لأبحاث مبتكرة تعتمد على المنهج المقارن وهو ثمرة مشروع بحث دام لمدة سنتين (2008-2011) تم انجازه من طرف مركز البحث في العلوم الإنسانية حول البحر المتوسط (Ramses) الممون من طرف اللجنة الأوربية والذي جمع عددا من الباحثين لدراسة خلفيات مختلفة حول الجنس والممارسات الدينية المعاصرة لدى النساء اليهوديات والمسلمات حيث يبرز كل فصل أوجه التشابه والاختلاف من خلال تحليل واسع للمواضيع المشتركة المتعلقة بالمرأة .

هذا ويتضمن الكتاب ثلاثة فصول، شارك في كتابة كل جزء منه باحثان متخصصان، أحدهما في اليهودية والآخر في الإسلام ويسلط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف في تحليل عدد من المواضيع المشتركة المتعلقة بالمرأة، كما تتطرق النصوص إلى مسألة ولوج النساء اليهوديات والمسلمات إلى فضاء العبادة (المساجد والكنائس) وإلى النصوص الدينية (القرآن، التوراة، الحديث والتلمود) ودراستها وتفسيرها، مع تقديم تفاسير جديدة للنساء وظهور وظائف دينية جديدة للمرأة (أمام مأذون، حاخامات) وأدوار شعائرية أخرى إلى جانب المناقشات حول مواضيع تخص قانون الأسرة (مثل الزواج والطلاق) واستراتيجيات "التحايل" على المعايير، القضايا المتعلقة بالحياة الجنسية، الطهارة، النساء المثليات، الإجهاض والمساعدة على الإنجاب .

أنجز هذا العمل تحت اشراف ليزا أنتابي - يميني (Lisa Anteby-Yemini) وبمشاركة عدد من الباحثين من عدة جامعات ومراكز للبحث. قدم لهذا الكتاب  كريستيان برونبرجي(Christian Bromberger)  من جامعة أكس مارسايليا تطرق فيه الى أهمية الدراسات التي جمعت في هذا الكتاب بين المقاربة المركزة والحصرية للنصوص مع اهمية المقارنة في الدراسة وذكر أن من العوامل التي تجعل هذا ينفرد عن غيره هو أن كل قسم منه كان نتيجة عمل وانجاز باحثين يتخصص أحدهما في اليهودية والأخر في الإسلام ويقوم الباحثان بمواجهة ومقارنة المعلومات والمعطيات التي بين أيديهما، أما ثاني استحقاق يتميز به هذا الكتاب فهو قيام مؤلفيه بتحليل المعايير المحددة في النصوص إلى جانب الممارسات اليومية للمؤمنين، وهي ممارسات تختلف تبعا للمضامين المحلية والاجتماعية والتيارات الدينية والمدارس القانونية ، فالكتاب يرتكز على دراسة تقاليد إسلامية ويهودية ومقارنتها، إلى جانب جمع العديد من الممارسات والمحرمات المشتركة. مع الإشارة إلى أن المقارنة بين اليهودية والإسلام لا تنحصر عند مقارنة النصوص والقوانين لذلك يأخذ مؤلفو هذا الكتاب بعين الاعتبار سلوكات المؤمنين ومطالبهم وأساليبهم في تحقيقها.

ومن جهة أخرى، فإن هذا المؤلف يستحق الاهتمام بفضل الطرق المستخدمة فيه من قبل الباحثين (مقارنة ومواجهة المعايير والممارسات) لأن المشاركين فيه لا يتناولون بالدراسة فقط وضع المرأة والمكان المخصص لها في العبادة والزواج والنزاعات وغيرها بل وأيضا الاستراتيجيات التي تتبعها لتحقيق أهدافها والمهم في هذا الكتاب حسب كريستيان برونبرجي أنه يثير عدة وجهات نظر تُبرز من خلال قراءة مختلف المقالات الواردة فيه.

أما المقدمة والتي كانت مطولة نوعا ما (من صفحة 11 الى صفحة 54) فقد حاولت فيها ليزا أنتابي - يميني المشرفة على تنظيم هذا العمل تقديم عرض لمحتويات الكتاب في شرح مفصل وممنهج مع عرض لمختلف المواضيع والأفكار المقترحة والمدروسة من قبل الباحثين المشاركين. وحسب ليزا أنتيبي يميني فإن هذا الكتاب هو ثمرة عدة لقاءات تمت بين المتخصصين في اليهودية والإسلام حول مسألة المرأة وذكرت أن هدف مشروع البحث هو تمييز مفهوم النوع الاجتماعي كزاوية مقاربة لتحليل الديانتين وهي منهجية لم تتبع بعد في هذا النوع من الدراسات خاصة وأن مواضيع هذا الكتاب تسعى إلى التطرق إلى كل من اليهودية والإسلام بشكل متوازي من خلال التطرق للمواضيع المعاصرة التي تخص المرأة مع وجود اختلافات في طرق تناول هذه المسائل من طرف السلطات الدينية وحتى النساء أنفسهن.

وفيما يتعلق بالإشكالية الأساسية لهذا العمل فهي تتمثل في استراتيجيات التفاوض والطرق التي تستخدمها النساء لتحدي السلطة الذكورية في المجال الديني وفي المعرفة القانونية وكذلك الوظائف الدينية إلى جانب مراقبة الرجل لأجسادهن وحياتهن الجنسية، ويظهر ذلك من خلال المطالب النسوية المتشابهة في الديانتين. فالكتاب يسعى إلى تجديد الدراسات والأعمال حول الديانات على المستوى المنهجي والنظري باتباع أسلوب الكتابة المقارنة، في محاولة لتسليط الضوء على الأشكال الجديدة للمشاركة النسوية في المجال الديني ومطالبتها بالمساواة في المشاركة في الممارسات والمهام الدينية سواءا كان ذلك في دولها الأصلية أو في دول المهجر. مع تركيز رئيسة المشروع على أهمية المنهج المقارن في هذه الدراسة في منطقة البحر المتوسط لا سيما في المسألة المتعلقة بالطهارة والنقاء، والزواج، الإجهاض أو المثلية الأنثوية وقضية ولوج النساء إلى مختلف الوظائف الدينية مما يسمح ويساعد على فهم أعمق لقضية عدم المساواة بين الرجال والنساء والذي يتم تبريره في الكثير من الأحيان بالمنطق الديني. من جهة أخرى، فقد واجه الكتاب تحديات منهجية ونظرية بسبب خطورة وصعوبة الدراسات القائمة على أساس المقارنة بين الأديان وصعوبة تحديد موضوع الدراسة المتعلق بالنساء اليهوديات والمسلمات، كما أن هذا المنتوج العلمي يتميز بخصوصية هامة وهي محاولة المقارنة من خلال الكتابة حول النساء من طرف متخصصين في الإسلام واليهودية حول مواضيع مشتركة تتعلق بالدرجة الأولى بمطالب النساء من الديانتين مع محاولة إظهار التقارب والتقاطع وكذلك التباعد والاختلاف بين القوانين والممارسات الدينية، الأمر الذي ساهم في إحداث مقاربة متعددة التخصصات حيث تعتمد على التاريخ والقانون والأنتروبولوجيا وعلم الاجتماع والعلوم السياسية وعلوم الدين وغيرها. وهنا تظهر أهمية هذا العمل في إثارة الحوارات المختلفة بين الباحثين من مختلف الدول والمذاهب.

أما الافتتاحية فقد أعدتها الباحثة نادين ويبل (Nadine Weibel) من خلال موضوع من إيمان لآخر، من صوت لآخر، وجهات نظر حول التنظيم الأنثوي وتطرقت فيها لأهم الدراسات التي تم انجازها حول المرأة والدين ووضع هذه الأخيرة في ظل النصوص التأسيسية للتقاليد اليهودية والإسلامية خلال العشريات الأخيرة .

هذا وقد قسم هذا الكتاب إلى ثلاثة أجزاء تتمثل في:

الجزء الأول بعنوان "ولوج النساء للفضاء، إلى النصوص والوظائف الدينية"، وهو يضم مقالتين، الأولى بعنوان" كيف تتشكل أماكن العبادة في العلاقات بين الجنسين في اليهودية والإسلام" من اعداد كل من أني بنفنست (Annie Benveniste)  وماري لور بورسا ( Marie-Laure Boursin) والثانية حول "ولوج المرأة الى الوظائف الدينية العامة في اليهودية والإسلام: من الاقصاء الى التكامل " دراسة انطلاقا من قضايا التسمية ،من اعداد كل من صونيا صارا ليبيسك(Sonia Sarah Lipsic) وبلقاسم بن زنين من مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية (CRASC) وكانت هذه الدراسة فرصة للباحثين لتحديد قضية التسميات والتعاليم القانونية التي تحيط بقضية وصول المرأة سواء أكانت يهودية أو مسلمة للوظائف الدينية. فبالنسبة لليهودية أبرزت صونيا صارا ليبيسك قضية دراسة النساء اليهوديات للتلمود واعتبرت ذلك أحد "الثورات" اليهودية الكبرى المعاصرة، فبفضل الدراسات التلمودية أصبحت بعض النساء اليهوديات.
"حاخامات" و"مستشارات حاخامية" "مع العلم أن التغيرات التي تعرفها اليهودية اليوم تؤثر أيضا على التيار الأرثوذكسي، حيث بدأت النساء الأرثوذكسيات في اليهودية أيضا تسعين لأن تصبحن حاخامات، ويتم تكوين نساء" مرشدات لقوانين اليهودية والتوراة "، وهي نفس وظيفة الحاخام، غير أن المرأة لا تستطيع تسيير كل الطقوس والشعائر وأن تكون عضو بالمحكمة الحاخامية وهذا الأمر يتقارب مع ما تعرفه بعض الدول الإسلامية التي أوجدت وظيفة " المرشدات الدينيات"، وهو موضوع تطرق له بلقاسم بن زنين الذي عاد إلى التجارب التي تتبعها في كل من الجزائر والمغرب ومصر حول مسألة تكوين المرشدات الدينيات والمهام الموكلة لهن، وهذه التجارب مع بعض الاختلافات  فيما بينها تبين أن اضفاء الطابع المؤسسي لهذه الوظيفة يعكس ويبيّن اهتمام السلطات السياسية باشراك المرأة في عملية تحديث وإصلاح الشأن الديني، كما أن المشاركة الرسمية للنساء في عملية الوعظ ونشر إسلام التسامح ومشاركتها في البرامج العامة، كما هو الحال بالنسبة لمحو الأمية والوقاية من داء السيدا، يعتبر مؤشرا هاما للتحرر الاجتماعي والديني للمرأة المسلمة بما يبرز دورها في المجتمع. مع الإشارة إلى أن دمج العنصر النسوي في هيئة علماء المسلمين بالمغرب الذي يتم فيه تعيّين ما يعرف بالعالمات (وهو أمر ظهر لأول مرة في دولة عربية) دليل على تحرير المرأة التي دمجت ولأول مرة في جهاز ظل حكرا على الرجال، هذا إلى جانب محاولة معرفة موقف المرجعية الدينية في اليهودية والإسلام فيما يتعلق بقضايا كالإجهاض والإنجاب الاصطناعي والتبرع بالحيوانات المنوية والبويضات مع فتح النقاش حول بعض القضايا والمفاهيم وتجاوز المواقف التقليدية التي تشكل ذرائع لتبرير عدم المساواة بين الجنسين في الديانتين. وهكذا فقد سعى هذا الجزء من الكتاب إلى تبيين كيف كان وصول النساء مؤخرا إلى دراسة اليهودية والتلمود سبيلا لظهور وظائف نسوية جديدة بين اليهود الأرثوذكسيين إلى جانب تطور المرأة الأرثوذكسية في الحقل الديني، فالمقال بشكل عام يدرس بالتوازي مطلب النساء المسلمات في الحصول على وظائف كالامام والمأذون والمؤذن والمفتي والمرشدة الدينية مع التركيز على هذه الأخيرة التي تم الاعتراف بها رسميا في بعض دول العالم العربي (المغرب، الجزائر، مصر واليمن)، ويدخل هذا في إطار مساعي الدول لتطوير واصلاح وضع المرأة.

أما الجزء الثاني فكان بعنوان "الزواج، الطهارة والجنس"، ضم ثلاث مقالات، الأول بعنوان " الاختلافات الصغيرة والتشابهات: من مسألة المهر وعقد الزواج عند اليهود والمسلمين بالمغرب" ل حنان سكات حتيمي و(Emanuela Trevisan Semi) ايمانويل ترييفيان سومي ،وتركز البحث في هذا المقال حول قانون الأسرة بالاعتماد على دراسة مقارنة لعقود الزواج وقوانين الأسرة حيث كانت دراسة تريفيسان سامي من خلال عمل ميداني قادها الى مدينة مكناس بالمغرب حول العلاقات بين اليهود والمسلمين من خلال شروط الزواج والمهور وانعكاسات ذلك على مسألة الطلاق، أما المقال الثاني فكان موسوما ب"اليهوديات والمسلمات بالمهجر بفرنسا : تحديات وممارسات الطهارة " شارك في كتابته كل من بربرا بيفيلنق (Barbara Peveling) وسيمونا تريسيني(Simona Tersigny)،تم فيه التطرق الى المعايير والممارسات المرتبطة بالجسد في الفضاء العام وطقوس الطهارة الى جانب الحياة الجنسية عند اليهوديات والمسلمات من شمال إفريقيا بفرنسا، في حين كان المقال الثالث بعنوان "المثلية الأنثوية في اليهودية والإسلام ،نصوص ومضامين " أعده كل من مارتن غروس (Martine Gross) وأندرو كام – تاك هيب(Andrew Kam-Tuck Yip)، وحاول الباحثان التطرق فيه باتباع طريقة المقارنة من خلال ميادين البحث فرنسا وبريطانيا وبالاعتماد على حالات لمثليات من اليهوديات والمسلمات مع التطرق إلى موقف الديانتين من الموضوع.

وبالنسبة للجزء الثالث والذي كان بعنوان "التكاثر الاصطناعي" فقد ضم مقالا واحدا فقط اعدته كل من ليليان فانا (Liliane Vana) وساندرا هووت (Sandra Houot) وكان بعنوان :" وجهات نظر حول تحديات الإنجاب بالمساعدة الطبية في الشريعتين اليهودية والإسلامية، "اهتمت كاتبتي المقال بقرارات السلطات الدينية في اليهودية الأرثوذكسية والإسلام السنّي حول موضوع الإنجاب الاصطناعي والتبرع بالحيوانات المنوية والبويضات وأخلاقيات علم الأحياء وركزتا على أن قضية الإنجاب الاصطناعي بين الأزواج لا تطرح إلا القليل من المشاكل سواء أكان ذلك في اليهودية أو الإسلام مع أخذ عينات للدراسة من كل من سوريا وإسرائيل وفي الأخير تقترح الكاتبتين إمعان النظر حول الآثار الجسدية والنفسية على النساء اللواتي تخضعن لهذه القوانين دون أن يكون لهن الحق في المشاركة في اقرارها وهذا وقت تشجع فيه اليهودية عملية المساعدة على الإنجاب بأي ثمن بينما يضع الإسلام السني عدة شروط حول الموضوع ولا يسمح الشيعة إلا ببعض الأشكال من الأنجاب الاصطناعي. ليختتم الكتاب بقاموس للمصطلحات الواردة في مختلف المقالات سواء منها العربية أو العبرية بشروحات مبسطة ووافية .

هذا وتكمن أهمية هذا الكتاب في كونه أوضح التقارب بين التخصصات المختلفة لتوضيح العديد من القضايا المتعلقة بالجوانب الدينية، القانونية، الاجتماعية والسياسية ومحاولة التوفيق بين وجهات النظر حول المسائل ذات الصلة بظروف النساء اليهوديات والمسلمات بمنطقة البحر المتوسط ، إلى جانب كونه يمثل إحدى المحاولات الأولى للدراسة المقارنة للمرأة في الإسلام واليهودية في الفترة المعاصرة، كما أن مختلف فصول هذا الكتاب قد ساعدت على وضع بدايات لمواضيع جديدة لابد من توسيع البحث فيها كما هو الحال بالنسبة للمساواة القانونية للنساء للشهادة وتحريم صوت المرأة في الإسلام أو اليهودية ودراسة مقاربة مقارنة حول قضية الاختلاط بين الجنسين في الأماكن العامة وقوانين التفرقة في مراكز العبادة وغيرها من المواضيع التي لا زالت لم تدرس بعد.

حورية جيلالي

 

Appels à contribution

logo du crasc
insaniyat@ crasc.dz
C.R.A.S.C. B.P. 1955 El-M'Naouer Technopôle de l'USTO Bir El Djir 31000 Oran
+ 213 41 62 06 95
+ 213 41 62 07 03
+ 213 41 62 07 05
+ 213 41 62 07 11
+ 213 41 62 06 98
+ 213 41 62 07 04

Recherche