إنسانيات عدد 100، أفريل-جوان 2023، ص. 9-10
إنه لمن دواعي الفخر والغبطة أن أكتب، وبكل تواضع، هذه الكلمات بمناسبة صدور العدد مائة من مجلة إنسانيات التي يصدرها مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية، والتي تدخل عامها السّابع والعشرين. وإنه لمن محاسن الصدف أن يتزامن هذا الحدث مع الذكرى الستين لعيد استقلال الجزائر.
يعطينا هذا العدد المائة نظرة عن العمل والجهد الذي تقوم به لجنة التّحرير، وعن تجنُّد أعضائها من أجل أن تواكب مجلة إنسانيات النقاش والتّفكير العلميين حول تاريخ بلادنا وتحوّلات مجتمعنا. وجدير بالملاحظة أنّ هذا التجنّد قد حظي بحضور واسع للمجلة على نطاق وطني ودولي، إذ أنّ ما يزيد عن مليوني قارئ تصفّحوا المجلة خلال سنة 2022 ضمن المنصّة المفتوحة Open Edition، ما يجعل إنسانيات المجلة الأكثر مقروئية في هذه المنصّة.
وبقدر ما يدعو هذا الإنجاز إلى الغبطة فإنّه في المقابل يضاعف المسؤولية لتصبح أكبر، ويحملنا لرفع تحدٍّ يفرض مواصلة الجهد لتعزيز مكانة المجلّة، والعمل في ذات الوقت على ضمان مصداقيتها العلمية والدفاع عن جودة وأصالة ما تنشره.
وجدير بالذكر أنّ تزامن هذا العدد مع ستينية الاستقلال لا يجعله عددا للذكرى حصرا، إذ تمّ التّفكير في الإصدار المائة ضمن سياق الرؤية التي تعتمدها المجلّة، والتي ترتكز أساسا على البحث في مواضيع: التّاريخ، المجتمع، العمران والتربية، ومن خلال ذلك فإنّ المجلة تظلّ وفيّة لتوجّهها المتوائم مع توجّه المركز عموما، والقائم على الّنهوض ببحوث الأنثروبولوجيا الاجتماعيّة والثقافية في الجزائر منذ 1992 و1997.
ومن جهة أخرى فإنّ العدد المائة هو أيضا إشادة بمؤسّسي المجلّة، وبأولئك الذين آمنوا في ظرف عصيب من تاريخ بلادنا بأنّ مشروعا علميّا جريئا إلى حدّ ما، يمكنه أن يحقّق النّجاح. وقد أثبت المستقبل صواب رؤيتهم.
لقد استطاعت إنسانيات، وهي مجلة مزدوجة اللّغة (وقريبا ثلاثية اللّغة) ومتعددة التخصصات، بفضل فريق حيوي من جيلين، أن تواكب متطلّبات البحث ضمن سياقات وظروف دولية مع العمل على فتح أعمدتها للباحثين الشباب وطلبة الدكتوراه.
لأجل ذلك كلّه، لا يمكنني إلا أن أكون ممتنا لهيئة التّحرير، وللمجلس العلمي للمجلة، وطاقمها التقني من مصلحة المجلاّت ودائرة النّشر وأمانة التّحرير، وكذلك المُقيَمين لالتزامهم ومثابرتهم.
ولا يفوتني أن أذكر هنا أنّ إنسانيات تسعى إلى بذل جهد أكبر من أجل جعل المجلة أكثر حضورا باللغة الإنجليزية في نشر المقالات، فضلا عن ملخصات النصوص التي تنشر بنفس اللغة، وذلك بهدف إعطاء المجلة مرئيّة أكبر وتمكينها من بلوغ المكانة التي تستحق في فهرسة المجلاّت.
وإني لمدرك تماما للرهانات التي تواجهها المجلات الوطنيّة والدوليّة من أجل أن تصمد أمام تحدّيات تتعلّق بالنّوعية والأصالة والمقروئيّة، بيد أن ثقتي في هيئة التّحرير وفريق إنسانيات ككل تجعلني متفائلا بمستقبل المجلّة. وتحملني لتأكيد التزامي التّام بدعمهم.
عمر مديد لـــ إنسانيات وتميّز متجدّد.
البروفسور عمّار مانع
مدير نشر مجلة إنسانيات
مدير مركز البحث العلمي والتقني في علم الإنسان الاجتماعي والثقافي
